قرحة المعدة من الامراض المنتشرة فى مصر وتشكل مصدرا رئيسيا للألم عند نسبة كبيرة من الناس. وعلى مدى سنوات طويلة كان الاعتقاد السائد أن السبب الرئيسى لقرحة المعدة هو زيادة الحموضة بالمعدة أى أن حمض الهيدروكلوريك الذى يتم افرازه طبيعيا بالمعدة يزيد عن النسب المقررة وبالتالى يؤدى الى حدوث القرحة ولذلك كان العلاج ينصب اساسا على اعطاء مضادات للحموضة.
وقد ذكر الاستاذ الدكتور كمال فهمى استاذ التحاليل الطبية بكلية طب الزقازيق ان الابحاث قد كشفت حديثا عن وجود عنصر اضافى فى احداث القرحة وربما كان أكثر أهمية وهذا العنصر الجديد يتمثل فى العدوى بنوع معين من البكتيريا يطلق عليها (هيليكوباكتر بايلورى) وهو نوع من البكتيريا لم يتم الكشف عنه فى أى مكان سوى معدة الانسان وبعض أنواع القرود.
واضاف الاستاذ الدكتور كمال فهمى انه من المعروف أن المعدة تكون خالية من أى ميكروبات نظرا لأن الله قد منحها وسيلة فريدة للمناعة ضد البكتيريا وهى افراز حمض الهيدروكلوريك الذى يجعل حياة أى ميكروب مستحيلة. الا أن هذه البكتيريا تستعين بوسيلة خبيثة لحماية نفسها من هذا الحمض والتوغل بأمان الى جدار المعدة فهى تفرز حول جسمها مادة قلوية تعادل تأثير الحمض وتمنع تأثيره الضار على جسم البكتيريا وبالتالى تعيش مستريحة فى داخل هذا الرداء القلوى ثم تشق طريقها فى أمان من تجويف المعدة الى جدار المعدة حيث تستطيع أن تجد لنفسها ملاذا هادئا فى داخل الغشاء المخاطى المبطن للمعدة , وهنا تكمن المشكلة حيث تعجز المعدة بكل أجهزتها الدفاعية والمناعية فى التخلص من هذه البكتيريا التى تحمى نفسها باللجوء الى اعماق الغشاء المخاطى المبطن للمعدة.
أغلب المصابين بهذه البكتيريا يحدث لديهم التهاب بجدار المعدة وفى نسبة أقل تتطور الحالة الى قرحة فى جدار المعدة أو الاثنى عشر بكل اعراضها المؤلمة المعروفة. والامر المؤلم اكثر من الام القرحة أن نسبة من هؤلاء المصابين تتطور لديهم الحالة الى سرطان المعدة وقد تم تقدير هذه النسبة بحوالى واحد فى المائة من المصابين.
كل هذا يجعل من تشخيص وجود هذه البكتيريا بالمعدة امرا هاما لكل من يشكو الام المعدة ولقد تطورت بسرعة وسائل التشخيص لكى تواكب هذه الاكتشافات واصبح هناك العديد من التحاليل الطبية التى تتيح لنا الكشف عن وجود هذه البكتيريا ببساطة.
كذلك فقد تطور علاج قرحة المعدة ليواكب هذه الاكتشافات وأصبح من الضرورى لأى مريض التهاب المعدة أوالقرحة ويثبت اصابته بهذا الميكروب أن يتم علاجه بالادوية المناسبة لهذا الميكروب. أما عن الادوية المناسبة لهذا الميكروب فان المعتاد حاليا ان يتم اعطاء المريض علاجا ثلاثيا مكونا من التتراسيكلين (أو الاموكسيسيللين) بالاضافة الى الفلاجيل ومعهما املاح البيزموس ( مثل بيبتوبزمول) حيث يتراكم البيزموس فى جسم البكتيريا ويدمرها . وبالاضافة الى هذه المضادات الحيوية فما زالت مضادات الحموضه مطلوبة معها حيث أن أغلب المضادات الحيوية لا تستطيع أن تعمل بالكفاءة المطلوبة فى البيئة الحامضية.
واختتم الاستاذ الدكتور كمال فهمى حديثه بقوله من النتائج المبشرة أن الابحاث الحديثة قد أشارت الى أن هذا النظام العلاجى يؤدى بنجاح الى التخلص التام من هذه البكتيريا ويقلل بدرجة كبيرة من عودة التهاب المعدة أو القرحة.