توجهنا الى الاستاذ الدكتور كمال فهمى وسألناه عن أهمية تشجيع اجراء فحوص الايدز للحد من انتشار المرض فى مصر فقال سيادته انه يمكن تلخيص اهمية ذلك فى النقاط التالية:
- أولا : يجب أن يدرك الجميع أن اجراء الفحوص المعملية للكشف عن الاصابة بفيروس خطير مثل فيروس الايدز أمر هام من أجل التشخيص المبكر مما يكون له فوائد عديدة على مستوى كل من المصاب والمجتمع. فبالنسبة للمصاب تؤكد جميع الابحاث أن العلاج الموجه ضد هذا الفيروس يكون اكثر جدوى فى بدايات الاصابة وتقل جدا هذه الجدوى كلما طالت فترة الاصابة. والمجتمع أيضا يستفيد من التشخيص المبكر للحالات حيث يساعد ذلك فى محاصرة المرض ومنع نقل العدوى الى الاخرين.
- ثانيا : يجب أيضا أن أوضح للجميع أن هناك فارق بين تعبيرين: الاول هو أن شخص ما مصاب بفيروس الايدز (أى بدون ظهور المرض) والثانى هو ان الشخص مصاب بمرض الايدز (أى بعد ظهور اعراض المرض) والحالة المرضية بالنسبة للايدز لا تظهر الا بعد الاصابة بالفيروس بوقت طويل يصل الى اكثر من عشر سنوات يكون خلالها المصاب بالفيروس مصدرا للعدوى للاخرين دون أن يدرى ودون أن يدرون وخلال هذه الفترة الطويلة لا يوجد أى مؤشر لاصابته سوى الاختبارات المعملية ولذلك فمن الضرورى على كل شخص معرض للعدوى الحرص على اجراء الفحص الخاص بالايدز بصفة دورية كل 6 شهور.
- ثالثا : وعلاوة على ذلك فإن ظهور الحالة المرضية فى المرحلة الاخيرة من الاصابة لا يمكن له هو الاخر ان يكون حاسما للتشخيص فأعراض المرض ومظاهره لا يوجد فيها شئ مميز وقاطع الدلالة ولذلك فاننى أدعو جميع الاطباء الى ضرورة وضع المرض بالايدز فى الاعتبار فى حالة التعامل مع الامراض المعدية المزمنة أو المتكررة والتى لا تفسير مقبول لها ففى هذه الاحوال يجب توجيه المريض الى عمل فحوص الايدز .
- رابعا :يجب أيضا أن أنبه الى أن العدد الموجود حاليا فى مصر من المصابين بفيروس الايدز والمقدر بثمانية الاف مصاب يشكل فى الواقع قنبلة موقوتة احذر من انفجارها فى اى وقت خاصة ان هناك ظروف متعددة فى مصر قد تمهد لهذا الانفجار الذى احذر منه بشدة. وقد حدثت بوادر لذلك عندما تم اكتشاف أن هناك بعض الاصابات المتعددة قد حدثت عن طريق اجهزة الغسيل الكلوى.
وعدنا نسأل ألاستاذ الدكتور كمال فهمى عن كيفية تشجيع اجراء فحوص الايدز فأجاب سيادته قائلا:
- أولا: يجب أن أشير الى أن هناك فارق موجود بين عدد الحالات المسجلة فى وزارة الصحة (حوالى الفين) والعدد المقدر من خلال منظمة الصحة العالمية (ثمانية الاف) فان ذلك يعطى دلالة واضحة على وجود نسبة كبيرة غير مبلغ عنها... فما سبب هذه النسبة الكبيرة الغير معلنة ؟ الواقع أننى أرى أن وراء ذلك نظرة المجتمع المصرى للمصاب بفيروس الايدز وهى نظرة ما زالت متخلفة جدا خاصة اذا ما قورنت بنظرة المجتمعات الاخرى التى تطورت كثيرا فى هذا الصدد. فما زال المجتمع فى مصر يشعر المصاب بفيروس الايدز بالعار ربما بسبب احتمالية ارتباط هذه الاصابة بممارسة الجنس الغير شرعى أو تعاطى المخدرات حقنا ولكننى ارى أن هذا الاحساس بالعار يجب أن يمحوه أن هناك نسبة لايستهان بها تنتقل عن طرق اخرى مثل نقل الدم مثلا وهو امر لادخل للانسان فيه ولا يشينه. لذلك يجب الدعوة الى تغيير نظرة المجتمع الى المصاب بفيروس الايدز لتصبح مثل النظرة الى أى مريض بمرض مزمن اخر بل ويمد يد العون له وأن يرفع المجتمع شعار : (لا لعزلة مرضى الايدز) فهم اخوان لنا يجب أن يأخذوا حقهم فى الاندماج الطبيعى فى المجتمع. واذا حدث هذا التحول فى المجتمع المصرى اتوقع الا يتردد أى فرد فى المبادرة الى اجراء فحوص الايدز فى الوقت المناسب وسوف يتم تشجيع المصابين بفيروس الايدز على الظهور.
- ثانيا: اننى أدعو جميع الاطباء الى بذل الجهد الكافى لاقناع كل من يثبت اصابته بضرورة واهمية ابلاغ الجهات الرسمية المعنية على اساس أن ذلك الابلاغ يحقق الفائدة له وللمجتمع. لكننى أؤكد هنا أن الطبيب لا يتحمل مسئولية الابلاغ حيث لا يستطيع الطبيب أن يفشى سرا للمريض الا بموافقته فهكذا أقسم كل طبيب
- ثالثا: محاولة تحقيق التوازن بين حاجة المجتمع الى الاعلان عن اصابة الفرد وحاجة الفرد الى تحقيق السرية التى تحقق له امانا نفسيا فى المجتمع. ومن اجل تحقيق هذا التوازن فاننى اقترح وضع بروتوكول يحدد بوضوح الاشخاص المطلوب من مريض الايدز ابلاغهم باصابته لتحقيق هدفين لمن يتم ابلاغه اولهما قيامه باجراء الفحوص المطلوبة للكشف عن اصابته هو الاخر وثانيهما أن يتخذ من الاجراءات ما هو ضرورى لمنع انتقال العدوى اليه من الشخص الذى ثبتت اصابته. وأرى أن تشمل قائمة من يجب على مريض الايدز ابلاغهم ما يطلق عليه رفقاء الجنس أى من يمارس المصاب معهم الجنس سواء المشروع منه (أى الزوج أو الزوجة) وغير المشروع منه (أى خارج نطاق الزواج سواء كانت العلاقة مع الجنس الاخر أو نفس الجنس بمعنى رفقاء الشذوذ الجنسى). وكذلك يجب ابلاغ كل مشاركى المصاب فى ادمان المخدرات المأخوذة عن طريق الحقن فهى ايضا من بين الاسباب المشتركة للعدوى وارى ايضا ان ينصح المريض بابلاغ من يقدمون له الخدمة الطبية فى أى مكان. وخارج نطاق ذلك لا ارى غضاضة فى أن يخفى المصاب حقيقة اصابته على أقاربه أو زملائه أو جيرانه أو المحيطين به عامة فمن المؤكد أن الفيروس لا ينتقل بالمعايشة المعتادة.