يتم الآن بمصر إجراء سلسلة من التجارب البحثية الواعدة لعلاج مرضي تليف الكبد والمستأصل جزئيا وزارعي الكبد وذلك بالخلايا الجذعية التي يتم الحصول عليها من دم المرضي أنفسهم, ثم إعادة حقنها إما بالوريد الفخذي أو في أكبادهم مباشرة عبر الوريد البابي الكبدي تحت الاسترشاد بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية.وتتم هذه التجارب المصرية بجانب إحدي عشرة دراسة بحثية أخري تجري علي91 مريضا بكل من إنجلترا وألمانيا والبرازيل وإيران واليابان وإيطاليا, ويتم تغطية تكاليف الأبحاث المصرية التي تجري تحت إشراف الدكتور حسني سلامة أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بقصر العيني في إطار مشروع بحثي تبلغ ميزانيته800 ألف جنيه بكل من معهد تيودور بلهارس والمعهد القومي للسرطان وكليتي الطب بجامعتي القاهرة وعين شمس, بتمويل من صندوق تمويل البحث العلمي والتكنولوجيا.
مؤشرات لنجاح التجربة المصرية
وتقول الدكتورة إليزابيث هاتينجر أحد الأساتذة المشاركين في الدراسة الدولية علي عمليات زراعة الخلايا الجذعية, وخبيرة منظمة الصحة العالمية إن التجربة المصرية تعد أهم تجربة في العالم لأنها شملت أكثر من200 مريض, ولوحظ أنها زادت من معدل توقع الحياة من25 %إلي75 % بعد مرور12 شهرا علي حقن المرضي بالخلايا الجذعية, كما أن هناك مرضي آخرين مر علي حقنهم ثلاث سنوات, مما يشجع علي الاستمرار في العلاج.ويبدأ علاج المريض كما توضح الدكتورة إليزابيث بإعطائه أحد العوامل المحفزة لإنتاج الخلايا الجذعية بطريق الحقن تحت الجلد لمدة5 أيام متتالية, مما يؤدي لضخ كمية كبيرة منها في دم المريض, وعندئذ يتم إمرار دم المريض علي جهاز وإرجاعه إليه من طرف آخر, حيث يتم جمع الخلايا الجذعية علي فلتر خاص ثم يتم زرعها وإكثارها معمليا لمدة أسبوع ليتم بعد ذلك حقنها مع محلول ملحي في دم المريض, إما عن طريق أعلي الفخذ أو بالحقن المباشر في الكبد مع الاسترشاد بالموجات الصوتية أو الأشعة المقطعية. وتشيد بكفاءة التجربة المصرية في عمليات الحقن المباشر للخلايا الجذعية بالكبد, حيث وجدت نجاحا في عمل ذلك الإجراء حتي مع مرضي الكبد المصابين بالاستسقاء.
ليس قبل 5 سنوات
وتؤكد الدكتورة إليزابيث أن هذا العلاج رغم كل المؤشرات الإيجابية الموجودة لا يزال في مراحل التجارب, لذلك لا يجب علي المرضي الذهاب مباشرة للحصول عليه بدون مشورة طبية, ولا تتوقع توافره كأسلوب علاجي مستقر لمرضي الكبد في أنحاء العالم قبل مرور فترة لا تقل عن5 سنوات, حيث مازالت هناك محاولات كثيرة تجري في أنحاء العالم لتحييد الخلايا الجذعية تجاه الفيروس سي, بحيث لا يعود الفيروس لكبد المريض المعالج مرة أخري سواء بعد الحقن بالخلايا الجذعية أو بعد عمليات زرع الكبد, حيث مازال الفيروس حتي الآن يعود للمرضي المعالجين بعد فترات مختلفة تبعا لمستوي مناعة كل مريض.
اخلاقيات مطلوبة لابحاث الخلايا الجذعية
الا انه رغم مؤشرات النجاح فى هذا المجال فلا يجب تناسى اخلاقيات البحث العلمى فى البحث الدائم عن مصلحة المريض الذى تجرى عليه الابحاث ولذلك فالولايات المتحدة مثلا لم تسمح بإجراء أول تجربة للعلاج بالخلايا الجذعية علي البشر إلا بعد تولي أوباما مقاليد الحكم رسميا, إلا أن الأبحاث في مصر اختصرت الطريق مباشرة وبدأت علي البشر قبل ذلك بأكثر من عامين. حيث بدأ ذلك بالابحاث على المرضى بأمراض الكبد المزمنة ثم توالت الأبحاث علي أمراض مستعصية اخرى , ويقول الدكتور شوقي حداد رئيس لجنة القيم وآداب المهنة بنقابة الأطباء في افتتاح المؤتمر الأول للجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية الذي عقد بجامعة6 أكتوبر انه يجب الحرص على اتباع القوانين التي تنظم الأبحاث عامة بما فيها أبحاث الخلايا الجذعية, وأنها يجب أن تنصب علي مصلحة المريض بدون تعريضه لأية أضرار.
مجالات اخرى لابحاث الخلايا الجذعية
تشير نتائج الأبحاث التي أجريت باستخدام الخلايا الجذعية وتحدث عنها المشاركون في المؤتمر إلي نتائج مهمة في التعامل مع كثير من الأمراض, وإن كانوا قد أكدوا أن هذه الخلايا الجذعية تعتبر تجارب وليست علاجا أكيدا لهذه الأمراض حيث تستجيب بعض الحالات ولا تستجيب حالات أخري, وأن ما جعل الباحثين في مصر يستمرون في هذه التجارب هو أن هذه الحالات لا علاج لها بالعلاج التقليدي, والخلايا الجذعية برأيهم قد تعطي أملا في تحسن حالة المريض بنسب مختلفة. وقد أجربت تجارب متعددة لتحويل الخلايا المستخلصة من نخاع العظام إلي خلايا كبد وبنكرياس وخلايا عضلية وخلايا غضاريف وخلايا عصبية وزراعتها فى حيوانات التجارب بعد إجراء إصابات فيها في العمود الفقري والغضاريف والبنكرياس وثبت تحولها إلي خلايا جديدة فاعلة في الأعضاء التي حقنت فيها مما أدي إلي تحسن ملحوظ في تلك الحيوانات.
ابحاث الخلايا الجذعية لعلاج امراض القلب
كما قد تم استخدام الخلايا الجذعية في علاج جلطات القلب بالحقن من خلال قسطرة استكشافية والتي تجري بشكل روتيني للمرضي, ويتم الحقن أثناء ذلك بدون عملية جراحية, وقد أمكن بالفعل استخدام الخلايا الجذعية لعلاج حالات مزمنة غير قابلة للعلاج أو الجراحة يصعب فيها حتي التحدث إلا بمجهود, وذلك في19 مريضا من خلال دراسة أولية عن العلاج بالخلايا الجذعية لمرضي هبوط القلب المتقدم, والذين لا يصلح معهم العلاج بالوسائل التقليدية أو توسيع الشرايين, وتمت الدراسة علي هؤلاء المرضي خلال11 شهرا علي أساس بروتوكول علمي وافقت عليه لجنة أخلاقيات البحث العلمي بوزارة الصحة والتي تضم عددا من أساتذة الجامعات والاستشاريين بالمعاهد التعليمية بهدف معرفة هل يضيف العلاج بالخلايا أملا لهؤلاء المرضي في ممارسة حياتهم بطريقة شبه طبيعية أم لا بعد استنفاد السوائل التقليدية في العلاج سواء الدوائي أو الجراحي أو القسطرة.
ابحاث الخلايا الجذعية فى مجال الامراض العصبية
وأوضح الدكتور وائل مصطفي أستاذ مساعد المناعة بالأكاديمية الطبية أنه تم حقن خلايا جذعية لحالات الشلل الناتج عن إصابات العمود الفقري وضمور خلايا المخ وأمراض الأعصاب, وأظهرت النتائج تحسنا ملحوظا في حركة الجذع والتحكم في البول والبراز والقدرة علي الوقوف وتحسن الإحساس ومازالت الابحاث مستمرة.